وقف علي باب القاعة
يسترق السمع
القاضي يسألها
ماذا تريدين
أريد الطلاق
لماذا
لأنه .. و لأنه .. و لأنه !!
القاضي يتوجه بالحديث الي الزوج
هل هذا صحيح
ليس الي ذلك الحد
هل لديك الاستعداد لتصلح أخطائك؟
نعم يا سيدي
كان الزوج مقشعرا
يبدو كفأر في مصيدة
و قد ألقي عليه ماء بارد
مارأيك يا سيدتي
هو يقر بخطأه و علي استعداد لاصلاح حاله
لا
أنا أريد الطلاق
لا أريده بأي حال
لا أريد معاشرته مرة أخري
ماذا فعلت بها لكي تغضب كل هذا الغضب؟
الزوج لا يجيب
هل تراجعين نفسك يا سيدتي أم أن هذا قرارك النهائي؟
صمتتتتتتتتتتتتتت
من بعيد
نظر الي الزوج طويلا ... و دقق النظر
و تذكر أنه بعد قليل سيقف أمام قاض آخر
و ربما سيسأله نفس الأسئلة
هل من الممكن أن تردد زوجته للقاضي مثل تلك العبارات
و تقول انه لا يعطيني حقوقي الشرعية
أو لا يحسن معاشرتي
أو أنه لا يشبع رغباتي
أو شيء من هذا القبيل
لا لا
لابد أن لديها بعض الحياء لكيلا لا تفصح بتلك الكلمات
ماذا ستقول اذن
لابد أن تذكر شيئا قويا يجعل القاضي يتعاطف معها
اذن ستقول أنني أهينها
أو أضربها و مؤكد أنها أعدت شهود
يمكن أن تخبره اني بخيل و لا أنفق عليها
تعتريه حالة من الوجوم
لا يصدق ما يجري حوله
ماذا ستقول هذه المخبولة للقاضي
بماذا ستبرر طلبها للطلاق
مستحيل أن تكون بهذا الجنون
أو بهذه الجرائة و السفور
لا ليس بالمستحيل
ألم تقولها منذ أيام أمام أخاها و أباها
فلما لا تقولها أمام القاضي مرة أخري
مثل تلك المرأة في الغرفة المقابلة
نعم
قالت لهم
و بأعلي صوت
أنا أريد الطلاق ... لأنه و لأنه
قالت ...
و قالت و قالت و قالت
لم يكن لديها أي ذرة من حياء لتكشف أدق تفاصيل حياتهما الزوجية
انهارت القلعة الحصينة التي كان يعتقد أنها تحمي أسراره
انهار الميثاق الغليظ
هل كان بينهما ميثاق غليظ فعلا
هي أيضا كانت
و كانت و كانت و كانت
يتذكر السنوات الطوال
كانت تسأله اذا كان راضيا بعلاقتهما
و بحياتهما معا أم لا
و كان دائما يجيب أنه راض
لماذا الآن تقول أنها لم تكن راضية
هل لأنها لم تكن راضية بالفعل
لم يسألها يوما ان كانت راضية
كما يقولون السكوت علامة الرضا
اذا لماذا كانت حريصة علي ارضائه ان لم تكن راضية
الأفكار تكاد تعصف بعقله
لا
كانت لها بعض الطلبات التي لم أكن ألبيها
لا
كنت أفعل ما بوسعي لارضائها
ليس هناك انسان كامل علي وجه الأرض
حتي و ان قصرت أحيانا
ربما قصرت كثيرا
لا أدري
يا الهي أعني علي الصبر
و الفهم
لا يستطيع الوصول الي اجابة
حتي لو لم تكن تشعر بالسعادة فعلا
لماذا كل هذه الثورة فجأة ؟
هل تأججت رغاباتها مرة واحدة الآن؟
هل من الممكن أن تضحي هكذا بالعشرة؟
و مستقبل الأولاد بسبب تلك الدقائق
اللعينة أو الجميلة أو .... ماذا؟
ماذا أسميها الآن في هذا الموقف؟
لماذا لم تقدر الظروف التي نمر بها الآن
ألم نتعرض لبعض الظروف العصيبة عدة مرات من قبل
ألم أكن بحالة نفسية سيئة
بسبب و بسبب و بسبب
هل بالغت في عدم الاهتمام بها؟
هل كانت مشاعري جامدة لتلك الدرجة؟
التي جعلتها تثور لأنوثتها
هل احساس الانوثة عند المرأة من الممكن أن يصبح اعصارا مدمرا يجتاح الأخضر و اليابس
ربما لديها بعض الحق
لكن
لكنه حاول عدة مرات
و قبل أن يأتي هنا ليسأله القاضي
نعم اعترف بتقصيره أحيانا
سواء كان يقصد أو لا يقصد
و تعهد بالرعاية الكاملة
و حاول مرة بعد مرة
و سأل و استمع و قرأ و حاول مرة أخري
لكنها يبدو أنها قد فقدت جهاز الاستقبال
كانت رسائله كلها تائهة
دون جدوي
لماذا تلك الصلابة
لماذا هذا التعنت في الرفض
أكان جرح الأنثي لديها عميقا لهذا الحد أن وصل لجهاز الاستقبال فعطله
أم؟
أم؟
أراد أن يحدثها للمرة الأخيرة قبل الدخول للقاضي
اتصل علي هاتفها لكن الخط كان مشغولا
كانت هي هناك علي الطرف الآخر للقاعة مشغولة بشئ ما
اقترب منها دون أن تلحظه
كانت متوترة الي حد كبير
تتحدث بصوت خافت
محكمة
دخل القاضي للجلسة و بدأ بسؤالها كالعادة
ماذا تريدين
قاطع هو القاضي وقال
رجاء سيدي لا تكمل
فقد جئنا لاثبات حالة طلاق
سأله القاضي بتعجب لماذا العجلة يا بني
قال
أدركت الآن يا سيدي أن جهاز الاستقبال ليس معطوبا
لكنه ......
مشغول باتصال آخر
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق