خمسة و عشرون عاما
ربع قرن من الزمان
و من عمره
قضاها غريبا
سائحا في بلاد الله
باحثا عن لقمة العيش كما يدعي
أو عن المال و الرفاهية كما يدعون
لكنه قرر أخيرا
قررالعودة
لا لم يقرر
لم يكن أمامه اختيار آخر
بعد حفلة كبيرة بمناسبة بلوغه السن القانوني للتقاعد
نال مكافأة جيدة لانتهاء الخدمة
و أخيرا عاد
يا الله
أخيرا عدت لوطني الحبيب
أبنائي الأحباء أخيرا سأعيش بينهم
و ألعب يوميا مع حفيدي الصغير
زوجتي الجميلة المخلصة سمر
شريكة رحلة الكفاح
الآن دبت في الروح
نعم
الآن فقط أستطيع أن أشعر بالحياة
منذ خمسة عشر عاما عادت زوجتي الي مصر
غادرت بصحبة لبني ابنتي الكبري لدخول الجامعة
و عاد معها أحمد و هو في المرحلة الاعدادية
و رزقنا الله فيما بعد ب محمد و أخيرا سلمي
كنت حريصا أن أكون بينهم كل بضع أشهر
مرتين أو ثلاث مرات سنويا
صحيح أن مجمل أيام الأجازة لا يتغير
و لكن هذا أفضل بكثير من الانقطاع عنهم عام كامل
الحمد لله علي كل شيء
أستطيع الآن أن أري ثمرة تعبي في هذه الحياة
تزوجت لبني في حفل راق و رزقت بحفيدي الأول
ابنتي الكبري و أقربهم لقلبي تسمي ابنها سامي
مثلي
كانت تتصل بي يوميا للاطمئنان علي صحتي
تخرج أحمد من كلية الهندسة
أما أحمد و سلمي فهما لا يزالان في دراستهما الجامعية
هذان اللئيمان لم يتصلا يوما الا من أجل المال
لا يهم
غدا حينما أغمرهم بحناني سيختلف الأمر
لدي سيارة جميلة حديثة
و أسكن في شقة راقية
و زوجتي لا تزال تتمتع بجمالها
كأنني أراها في شبابها
بل تبدو أكثر أناقة
بفضل الملابس الشيك من أرقي المحلات
و الماس و المجوهرات التي تطوق أصابعها و رسغيها و رقبتها
حتي أرجلها
جميل هذا الخلخال الذهبي
اشتريته لها منذ عشر أعوام في احدي أجازاتي
أما هذا البروش الألماظ الذي يزين صدرها
فكان هدية عيد زواجنا الماضي
أتذكر رفاقي أصدقاء العمر
أسامة و ياسر و حسن و محسن و أحمد
أين هم الآن لم أحدثهم منذ زمن
أمسكت بهاتفي
أريد أن أري أصدقائي القدامي
غريب لا أحد يرد .. ربما غيروا أرقام هواتفهم
ربما انتقلوا مساكن أخري
حتي المقهي لا أجدهم
أين اختفوا جميعا
لا يهم الآن
سأبحث عنهم لاحقا
علي الآن أن أتمتع بوجودي وسط أسرتي
لابد أنهم سعداء ايضا بعودتي
كم كانت أحضانهم دافئة حينما قابلتهم يوم عودتي
و كم كانت فرحتهم طاغية حينما علموا ببقائي بينهم
أجلس في التراس عصرا
أستنشق هواء النيل العليل
و أغمض عيني و أحمد ربي علي كل هذا العطاء
بابا
يأتيني صوت محمد مناديا
أريد ألف جنيه لبعض المراجع و الكتب
بابا
يأتيني صوت سلمي
أريد ثلاث آلاف لابد أن أحجز دورات دراسية للعام الجديد
أعطيهم ما يطلبون بسعادة
لم لا و هم حريصون علي مستقبلهم
سامي حبيبي .. هكذا تناديني زوجتي رائعة الجمال سمر
حسابي في البنك أصبح صفر لو سمحت حول لي خمسين ألف
و لماذا تريدين كل هذا المبلغ
ترد بتعجب .. كي أصرف منه
مثلما كنا نفعل .. أنسيت ؟؟؟
هذا حينما كنت بعيدا عنك حبيبتي
أما الآن فأنا معك بجانبك حتي يفرقنا الموت
و سألبي كل طلباتك بنفسي
أتعني أنني كلما احتجت شيئا لابد أن أطلبه ؟
ألا أستطيع التصرف بمفردي دون الرجوع اليك ؟
ساد الموقف سكون غريب لم يحدث من قبل
فقد اعتادت أن يكون حسابها عامرا تنفق كيفما تشاء
دون حسيب أو رقيب
تقبلت رغما عنها
علي مضض طلبت بضع آلاف كمصروف شخصي
بابا لدي عيد ميلاد و أريد شراء هدية .. ألف
أريد ملابس جديدة .. ثلاث آلاف
هناك رحلة .. ألفان
اي فون ... أربع آلاف
أصبحت هذه هي اللغة السائدة بالمنزل
بيني و بين أبنائي و زوجتي
لم أنزعج بطلباتهم المادية
فقد وهبني الله كثيرا
و الآن أتمتع بانفاق هذه الأموال علي من أحب
شهر كامل لم أري حفيدي سامي
أين تلك اللئيمة ؟؟ لماذا تحرمني من حفيدي ؟؟
اعتذرت لبني بانشغالها و زوجها
نعم صعبة هي الحياة
غدا أزورهم أنا
كانت زيارتي قصيرة جدا بسبب اضطرارهم للخروج
و للأمانة فقد فاجأتهم بزيارتي
حمدا لله أنني لم أصل بعد خروجهم
لكني سعيد جدا برؤية الصغير سامي
لماذا لا أتنزه علي كورنيش نيلنا الجميل
اتأمل أضواء القاهرة الساهرة الساحرة
قررت الاتصال بحبييتي سمر لاكمال سهرتي معها
لعلها انتهت من زيارتها لصديقتها
لا مفر من أداء الواجب
لقد أصبحت صديقتها جدة لأول مرة و وجب تهنئتها
رن جرس الموبايل طويلا طويلا
مرات و مرات قبل أن ترد و تتعجب لاتصالي بها
أخبرتها برغبتي في أن تشاركني هذه الأمسية الجميلة في أي مكان تختاره بنفسها
اعتذرت جميلتي فقد أنهكها اليوم و تريد العودة للمنزل
قررت مفاجأتها .. هي تعشق المفاجئات
سبقتها للمنزل مع باقة من الزهور
زجاجة من عطرها المفضل
وجبة كباب ساخن من الذي أعشقه
انتظرت طويلا بالمنزل علي عكس ما توقعت
اعتذرت حبيبتي عن العشاء لأنها تناولته مع صديقتها
لكنها عوضتني بقبلة جميلة عن العطر
و الزهور
أحب الكباب الساخن
حتي لو أكلته بمفردي
نظرت لساعتي فاذا بها تقترب من الثانية عشر
أين هؤلاء الشياطين حتي ذلك الوقت
التقطت هاتفي
أخبروني أنهم سيصلون فورا و أن الزحام هو السبب
وصلت سلمي بعد الثانية عشر بقليل
أما محمد فقد عاد في الواحدة
أحمد أحيانا يبيبت خارج المنزل
بحكم عمله فلا أعلم متي سيأتي و متي سيذهب
مرت أسابيع و شهور علي ذلك الحال
بدأت أشعر أنني وحيد غريب وسط أسرتي
غريب هو ذلك الشعور
لم يعجبني تأخر الأبناء بالخارج
أو خروجهم الزائد الغير مبرر
نوادي رحلات سهرات أصدقاء صديقات
لم يعجبني خروج زوجتي المتكرر أيضا
صداقات عديدة و متشعبة
يوميا اما في النادي أو الجمعية أو عند صديقة
لم تعجبني مصروفاتهم الغير مبررة
مبالغ طائلة يطلبونها يوميا
بلا شك سأفلس في خلال أعوام ان استمر الحال
كانت سلمي علي وشك الخروج عند التاسعة مساء
حينما ناديتها و سألتها عن سبب خروجها
و كيف أن لبسها ينقصه بعض الحشمة
قبل أن أنتهي من سلمي كان محمد قد فتح الباب و خرج
لا أعلم ان كان سمعني أم لا حينما ناديته
أما سمر فقد كانت كعادتها في غاية الأناقة
حينما استوقفتها و سألتها عن سبب خروجها
الاجابة علي أسئلتي
جاءت متلازمة من كليهما
كصاعقة
.
.
و لماذا تسأل ؟؟؟؟؟؟؟؟
ربع قرن من الزمان
و من عمره
قضاها غريبا
سائحا في بلاد الله
باحثا عن لقمة العيش كما يدعي
أو عن المال و الرفاهية كما يدعون
لكنه قرر أخيرا
قررالعودة
لا لم يقرر
لم يكن أمامه اختيار آخر
بعد حفلة كبيرة بمناسبة بلوغه السن القانوني للتقاعد
نال مكافأة جيدة لانتهاء الخدمة
و أخيرا عاد
يا الله
أخيرا عدت لوطني الحبيب
أبنائي الأحباء أخيرا سأعيش بينهم
و ألعب يوميا مع حفيدي الصغير
زوجتي الجميلة المخلصة سمر
شريكة رحلة الكفاح
الآن دبت في الروح
نعم
الآن فقط أستطيع أن أشعر بالحياة
منذ خمسة عشر عاما عادت زوجتي الي مصر
غادرت بصحبة لبني ابنتي الكبري لدخول الجامعة
و عاد معها أحمد و هو في المرحلة الاعدادية
و رزقنا الله فيما بعد ب محمد و أخيرا سلمي
كنت حريصا أن أكون بينهم كل بضع أشهر
مرتين أو ثلاث مرات سنويا
صحيح أن مجمل أيام الأجازة لا يتغير
و لكن هذا أفضل بكثير من الانقطاع عنهم عام كامل
الحمد لله علي كل شيء
أستطيع الآن أن أري ثمرة تعبي في هذه الحياة
تزوجت لبني في حفل راق و رزقت بحفيدي الأول
ابنتي الكبري و أقربهم لقلبي تسمي ابنها سامي
مثلي
كانت تتصل بي يوميا للاطمئنان علي صحتي
تخرج أحمد من كلية الهندسة
أما أحمد و سلمي فهما لا يزالان في دراستهما الجامعية
هذان اللئيمان لم يتصلا يوما الا من أجل المال
لا يهم
غدا حينما أغمرهم بحناني سيختلف الأمر
لدي سيارة جميلة حديثة
و أسكن في شقة راقية
و زوجتي لا تزال تتمتع بجمالها
كأنني أراها في شبابها
بل تبدو أكثر أناقة
بفضل الملابس الشيك من أرقي المحلات
و الماس و المجوهرات التي تطوق أصابعها و رسغيها و رقبتها
حتي أرجلها
جميل هذا الخلخال الذهبي
اشتريته لها منذ عشر أعوام في احدي أجازاتي
أما هذا البروش الألماظ الذي يزين صدرها
فكان هدية عيد زواجنا الماضي
أتذكر رفاقي أصدقاء العمر
أسامة و ياسر و حسن و محسن و أحمد
أين هم الآن لم أحدثهم منذ زمن
أمسكت بهاتفي
أريد أن أري أصدقائي القدامي
غريب لا أحد يرد .. ربما غيروا أرقام هواتفهم
ربما انتقلوا مساكن أخري
حتي المقهي لا أجدهم
أين اختفوا جميعا
لا يهم الآن
سأبحث عنهم لاحقا
علي الآن أن أتمتع بوجودي وسط أسرتي
لابد أنهم سعداء ايضا بعودتي
كم كانت أحضانهم دافئة حينما قابلتهم يوم عودتي
و كم كانت فرحتهم طاغية حينما علموا ببقائي بينهم
أجلس في التراس عصرا
أستنشق هواء النيل العليل
و أغمض عيني و أحمد ربي علي كل هذا العطاء
بابا
يأتيني صوت محمد مناديا
أريد ألف جنيه لبعض المراجع و الكتب
بابا
يأتيني صوت سلمي
أريد ثلاث آلاف لابد أن أحجز دورات دراسية للعام الجديد
أعطيهم ما يطلبون بسعادة
لم لا و هم حريصون علي مستقبلهم
سامي حبيبي .. هكذا تناديني زوجتي رائعة الجمال سمر
حسابي في البنك أصبح صفر لو سمحت حول لي خمسين ألف
و لماذا تريدين كل هذا المبلغ
ترد بتعجب .. كي أصرف منه
مثلما كنا نفعل .. أنسيت ؟؟؟
هذا حينما كنت بعيدا عنك حبيبتي
أما الآن فأنا معك بجانبك حتي يفرقنا الموت
و سألبي كل طلباتك بنفسي
أتعني أنني كلما احتجت شيئا لابد أن أطلبه ؟
ألا أستطيع التصرف بمفردي دون الرجوع اليك ؟
ساد الموقف سكون غريب لم يحدث من قبل
فقد اعتادت أن يكون حسابها عامرا تنفق كيفما تشاء
دون حسيب أو رقيب
تقبلت رغما عنها
علي مضض طلبت بضع آلاف كمصروف شخصي
بابا لدي عيد ميلاد و أريد شراء هدية .. ألف
أريد ملابس جديدة .. ثلاث آلاف
هناك رحلة .. ألفان
اي فون ... أربع آلاف
أصبحت هذه هي اللغة السائدة بالمنزل
بيني و بين أبنائي و زوجتي
لم أنزعج بطلباتهم المادية
فقد وهبني الله كثيرا
و الآن أتمتع بانفاق هذه الأموال علي من أحب
شهر كامل لم أري حفيدي سامي
أين تلك اللئيمة ؟؟ لماذا تحرمني من حفيدي ؟؟
اعتذرت لبني بانشغالها و زوجها
نعم صعبة هي الحياة
غدا أزورهم أنا
كانت زيارتي قصيرة جدا بسبب اضطرارهم للخروج
و للأمانة فقد فاجأتهم بزيارتي
حمدا لله أنني لم أصل بعد خروجهم
لكني سعيد جدا برؤية الصغير سامي
لماذا لا أتنزه علي كورنيش نيلنا الجميل
اتأمل أضواء القاهرة الساهرة الساحرة
قررت الاتصال بحبييتي سمر لاكمال سهرتي معها
لعلها انتهت من زيارتها لصديقتها
لا مفر من أداء الواجب
لقد أصبحت صديقتها جدة لأول مرة و وجب تهنئتها
رن جرس الموبايل طويلا طويلا
مرات و مرات قبل أن ترد و تتعجب لاتصالي بها
أخبرتها برغبتي في أن تشاركني هذه الأمسية الجميلة في أي مكان تختاره بنفسها
اعتذرت جميلتي فقد أنهكها اليوم و تريد العودة للمنزل
قررت مفاجأتها .. هي تعشق المفاجئات
سبقتها للمنزل مع باقة من الزهور
زجاجة من عطرها المفضل
وجبة كباب ساخن من الذي أعشقه
انتظرت طويلا بالمنزل علي عكس ما توقعت
اعتذرت حبيبتي عن العشاء لأنها تناولته مع صديقتها
لكنها عوضتني بقبلة جميلة عن العطر
و الزهور
أحب الكباب الساخن
حتي لو أكلته بمفردي
نظرت لساعتي فاذا بها تقترب من الثانية عشر
أين هؤلاء الشياطين حتي ذلك الوقت
التقطت هاتفي
أخبروني أنهم سيصلون فورا و أن الزحام هو السبب
وصلت سلمي بعد الثانية عشر بقليل
أما محمد فقد عاد في الواحدة
أحمد أحيانا يبيبت خارج المنزل
بحكم عمله فلا أعلم متي سيأتي و متي سيذهب
مرت أسابيع و شهور علي ذلك الحال
بدأت أشعر أنني وحيد غريب وسط أسرتي
غريب هو ذلك الشعور
لم يعجبني تأخر الأبناء بالخارج
أو خروجهم الزائد الغير مبرر
نوادي رحلات سهرات أصدقاء صديقات
لم يعجبني خروج زوجتي المتكرر أيضا
صداقات عديدة و متشعبة
يوميا اما في النادي أو الجمعية أو عند صديقة
لم تعجبني مصروفاتهم الغير مبررة
مبالغ طائلة يطلبونها يوميا
بلا شك سأفلس في خلال أعوام ان استمر الحال
كانت سلمي علي وشك الخروج عند التاسعة مساء
حينما ناديتها و سألتها عن سبب خروجها
و كيف أن لبسها ينقصه بعض الحشمة
قبل أن أنتهي من سلمي كان محمد قد فتح الباب و خرج
لا أعلم ان كان سمعني أم لا حينما ناديته
أما سمر فقد كانت كعادتها في غاية الأناقة
حينما استوقفتها و سألتها عن سبب خروجها
الاجابة علي أسئلتي
جاءت متلازمة من كليهما
كصاعقة
.
.
و لماذا تسأل ؟؟؟؟؟؟؟؟