بعد أن أغلقت باب شقتي
بدأت السكينة و الهدوء تتسرب الي قلبي
فأنا أخيرا بمنزلي المتواضع
انتهت رحلة القلق و ال4000 كيلو و الحمد لله
استلقيت علي سريري من التعب
لم تتركني أفكاري المزعجة
أكره عقلي أحيانا حينما يعاندني و يمنع مني النوم لينغمس في أفكاره
و يتفلسف علي و يقنعني أنه يفهم ما يجري حولي
و يستمر في محاولات التفسير و التحليل للأحداث
ويضع المبرر تلو الآخر
و في النهاية
يتركني حائرا بعد أن يفتح لي مائة باب و باب للتفكير
ادخلوا مصر إن شاء الله آمنين
لطالما قرأتها في صالة المطار
و لطالما أثرت في هذه الآية الكريمة كلما قرأتها
ما أجمل أن تكون مصريا
تلك البلد التي وصفت بهذا الوصف الجميل
أشعر فعلا أننا في بلد آمن
ماذا حدث؟
لماذا لم أشعر بالأمان اليوم؟
أليست مصر بلد آمنا؟
أم أنها كانت بشري من سيدنا يوسف لأبويه فقط
مصر طول عمرها عايشة في حروب و استعمار
يبقي أكيد مصر مش بلد أمان و لا حاجة
طيب ليه كنا بنردد الآية و نقنع نفسنا ان مصر أمان
عملنا زي بتاع العصير اللي كاتب علي محله
(و سقاهم ربهم شرابا طهورا)
ياااااااااااااا الله
مش قادر أفهم حاجة
غفوت من التعب و هذه الأفكار تكاد تفجر رأسي
******************************
كل سنة الزحمة بتزيد في بورسعيد
بس السنة دي زحمة أوي
لأ المشكلة مش الزحمة
المشكلة في الفوضي
البلد بقت فوضي
لأ
بقت فوضي أوي أوي
ليه الفوضي دي كلها
فين حضارة السبعة آلاف سنة
ليه المرور متلخبط كده
محدش ملتزم بالاشارة
كله داخل علي كله
و النتيجة الشارع واقف
و خناقات بين البشر
حتي و نحن في رمضان
و صايمين
لازم عسكري المرور يبقي واقف
حتي عسكري المرور يعاني
محدش بيسمع كلامه
مفيش في ايده سلطة
خليه يكتب مخالفات زي ما هو عايز
أصل كل الملفات اللي في المرور اتحرقت
ليه القمامة مالية الشوارع بالشكل ده؟
هي دي كمان عايزة عسكري مرور؟
طيب ما طول عمرها كده
و الا انا اتعودت علي نظافة الشوارع بتاعة البدو
لأ برضه المسألة زايدة عن الحد بكتير
والناس بيتخانقوا مع بعض لأتفه الأسباب
طيب ما الناس طول عمرهم بيتخانقوا
و كمان فيه واحد قتل واحد في طابور العيش أيام المخلوع
ماشي طابور العيش اتخانقوا من الزحمة و الحاجة و الجوع
لكن ليه بائع التين الشوكي يضرب المشتري بسكين
في صدره؟
الناس كلها شهدت مع البائع
الزبون هو المفتري و ضرب البائع بقسوة و بهدله
البائع كان يدافع عن نفسه
و الطعنة كانت بدون قصد
و ليه الزبون مفتري كده؟
شايف نفسه علي البائع المسكين
القوي يتسلط علي الضعيف في كل مكان و زمان
و ينسي أن هناك من يراه
من هو أقوي منه
لا اله الا الله
انصرف الزبون هو و أمه
و بعد عشرين تلاتين متر سقط ميتا
نزيف داخل الصدر
من أثر الطعنة
كانت هذه الحادثة أول ما سمعت من أخي حسني بعد وصولي
ليس لأنها أخطر ما حدث في غيابي
لكن ربما لأنها الحادث الأقرب مكانا و زمانا
في تقاطع شارع رمسيس و النهضة بحي الشرق أو الافرنج كما يسميه أهل بورسعيد
المنطقة الأكثر هدوءا و رقيا في بورسعيد
بعدها توالت القصص و الروايات من أهلي و أصدقائي و جيراني
عما حدث من 25 يناير و حتي وصولي
الأحداث أكبر و أكثر من أن توصف كلها
واحد دخل علي قهوة رأس البر بالآلي
دفعة رصاص
أردي المطلوب قتيلا في ثوان و انطلق
غارات متبادلة بين بين تجار المخدرات
يلا في ستين داهية
بس المشكلة ان فيه ضحايا من الأبرياء
فاترينة محل والدي اتسرقت
محلات كتير تانية اتكسرت و اتسرقت
زي ما حصل في كل مكان في مصر
خطف و اغتصاب فتيات
خطف اشخاص و طلب فدية
سرقة سيارات و بعدها طلب فدية لاعادتها
عصابات متعددة النشاط
ايه ده كله ...... ايه ده كله
كان مستخبي فين كل ده
هو ده الانفلات الأمني اللي بيقولوا عليه
هي دي خطة ارهاب الشعب لايقاف الثورة
و لا دي هوجة حرامية بيستغلوا الفرصة
أكتر من مرة الحرامي اللي اتمسك طلع أمين شرطة أو مخبر سري
يا تري بيشتغلوا لحسابهم و لا ..... هي دي وظيفتهم الميري بعد الثورة
يمكن الاتنين مع بعض
*******************************************
تمر أيام الأجازة
و تستمر الفوضي
أصبحت جزء من الحياة اليومية
مفيش بنزين في محطات البنزين
بحثنا في كل المحطات مفيش فايدة
في الصباح كنت أمر صدفة أمام محطة بنزين
ووجدت طابور سيارات
قلت فرصة وقفت في الطابور
بعد قليل بدأت أفواج المتوسيكلات تتزاحم علي المحطة
و توقف تموين السيارت بالبنزين بسبب الموتوسيكلات
محدش يقدر يعترض
معظم سائقي الموتوسيكلات شكلهم قلق
نزلت من السيارة و وقفت انتظارا لأن ينتهي طابور الموتسيكلات
تقف خلفي سيارة شرطة تنتظر دورها أيضا
سبحان الله
سيارة الشرطة في الطابور تنتظر
السائق يوجه حديثه لي
كلم الراجل يمشي العربيات شوية انت اللي عليك الدور
لأن عربيتنا شرطة و لو اتكلمنا هايضربونا
الي هذا الحد الشرطة أصبحت تخشي من الناس
الراجل خايف يطلب حقه
قلت له بصراحة ليس عندي استعداد للخناق مع بلطجية
حينما وصلت لمحل والدي بالمنشية و حكيت اللي حصل
قال أخي أن هذا أصبح شئ عادي
البلد الوقت ماشية بقلة الأدب
انت ماشفتش أيام الثورة
العربيات الربع نقل مليئة بالبلطجية بالسكاكين و الشوم
يقتحمون محطة البنزين
ياخدوا البنزين اللي عايزينه
دون مقابل و لا يستطيع أي شخص ايقافهم
لأن أعدادهم كبيرة جدا
أثناء الافطار سمعنا صوت طلقات رصاص
البلطجية يهاجمون قسم الشرطة لاطلاق سراح تاجر مخدرات
تذكرت السيدة التي قتلت في شرفتها
محدش يفتح الشباك
بعد قليل وصل المدرعات
و قوات خاصة
يرتدون زي الشرطة
و لكنهم ملثمون
و يرتدون جاكيت واقي الرصاص
و الهدوء يعود للمنطقة مرة أخري
*******************************
أما الحديث مع الشباب فقد كان أكثر تشويقا و اثارة
ربما لأنهم كانوا جزء من الحدث مش بينقلوا أخبار
ربما لأنهم كانوا متحمسون
يوم انسحاب الشرطة
زي يوم النكسة بالضبط
و زي اليهود ما كانوا بيهجموا العساكر العزل
البلطجية و الحرامية بيهاجموا المواطنين العزل
دقائق و انتشرت اللجان الشعبية
محدش قال لحد يعمل ايه
الكل اتصرف بتلقائية شديدة
و اتحول الموضوع لسيمفونية
مراهقين - شباب - رجال - كهول
عصاية -ايد مقشة- سكينة- مسدس
أي سلاح للحماية
كل مجموعة بتحمي حي أو بناية أو شارع
أي بلطجي يقترب تنهال الصفافير و يتجمع الشباب بالمئات
لا مفر أمام البلطجية الا الهروب
محمد مسعد شاب في العشرين
عنيد - متمرد
لا يعجبه آرائنا
شايفنا ناس قديمة أوي أوي
بصعوبة شديدة استطعت أن أقتحم الأسوار التي صنعها للفصل بين أفكارنا و أفكاره
علي الأقل من الممكن أن يصغي الي
.
أحيانا
.
لكن النهارده هو حاجة تانية خالص
محمد واقف في شارع رمسيس
مع اخوته و أصدقائة و جيرانه لحماية الشارع و البناية
صفارة من شارع الجمهورية
بلطجية رايحين في اتجاه البنوك
محمد مع زملائه بالكلية ينطلقون باتجاه شارع الجمهورية
يشكلون دروعا بشرية لحماية البنوك
صفارة من اتجاه المعدية
البلطجية يحاولون اقتحام قسم المينا
ضابط قسم المينا يستنجد بالمواطنين
ينطلق محمد و زملائه باتجاه قسم المينا
بعد ترك قوة حامية لتأمين للبنوك
الشباب الفرافير بتوع الافرنج
تحولوا فجأة الي أسود بمعني الكلمة
هاجموا البلطجية
مرة أخري - البلطجية يفرون أمام هؤلاء الشباب
تأتي قوة حماية من الجيش
الشباب يسلم حماية المنطقة للجيش
و يعودون الي مواقعهم أمام بناياتهم أو أحيائهم
و يعيدون التمركز
قسم الشرطة الوحيد في بورسعيد
الذي لم يحرق و لم يسرق
هو قسم المينا
و كذلك لم يسرق بنك واحد في شارع الجمهورية
البلطجية اقتحموا قسم شرطة الضواحي
احرقوا كل شئ
سرقوا كل شئ
الضباط و العساكر كلهم اختفوا
الدكتور ابراهيم هاشم... أصبح فجأة مأمور القسم
و ربما مدير أمن
تكونت اللجان الشعبية لحماية المنطقة
و كان يقودها مأمور القسم بنفسه
قصدي د.ابراهيم طبعا
وليد....أحد كبار البلطجية في بورسعيد
مقره سوق الخضروات
سرقة - تهريب- اغتصاب
بتاع كله
محدش قادر عليه
يقتحم قسم شرطة العرب و يفعل به مثلما حدث في كل الأقسام
من النهاردة مفيش حكومة
أنا الحكومة
تقمص دور أحمد السقا في فيلم ابراهيم الأبيض
و صدق نفسه
انطلق و عصابته بعدها الي سجن بورسعيد
اطلاق نار علي السجن
قوة السجن تبادلهم النار
القاء القبض علي العصابة
بيقولوا 40 سنة سجن
في داهية
كابوس و انزاح
محدش كان قادر عليه
لم يهرب سجين واحد من سجن بورسعيد
أحسنتم
رجال بحق
رصاصة طائشة
قتلت سيدة و هي تشاهد المعركة من شرفة منزلها
حد يطلع يتفرج علي ضرب نار
هو فرح يا حاجة
الله يغفر لها و يسامحها
نيران التدفئة في كل مكان أمام البنايات
يتجمع حولها الشباب و يتسامرون في ليالي الشتاء الباردة
و يضحكون ملء الفم و القلب
لأول مرة يشعرون أنها بلدهم و أنهم يريدون حمايتها
راضون عن أنفسهم
سعداء أنهم يفعلون شيئا قيما
محدش خايف علي نفسه
الأمهات قلوبهن تبكي خوفا علي الأبناء
لكن مفيش مجال النهاردة للكلام ده
أنا راجل مقدرش أقعد في البيت
أشعر بالسعادة الغامرة و الفخر بهؤلاء الشباب
و أستطيع أيضا أن أري السعادة و الشعور بالفخر
علي وجوههم و هم يقصون علي ما فعلوه
محمد و محمود
حتي حسن ذو الثلاث عشر ربيعا
كان هناك يحمل عصاه ليحمي منزله
الثورة أعادت الحياة لهؤلاء الشباب
بعد أن كاد اليأس أن يحطم آمالهم و طموحهم في المستقبل
صحيح ان الحياة عادت الي طبيعتها الي حد ما
لكن الثورة قد غيرت كثيرا في النفوس
و من المستحيل أن يعود الناس الي ما كانوا عليه من استسلام
بدأت السكينة و الهدوء تتسرب الي قلبي
فأنا أخيرا بمنزلي المتواضع
انتهت رحلة القلق و ال4000 كيلو و الحمد لله
استلقيت علي سريري من التعب
لم تتركني أفكاري المزعجة
أكره عقلي أحيانا حينما يعاندني و يمنع مني النوم لينغمس في أفكاره
و يتفلسف علي و يقنعني أنه يفهم ما يجري حولي
و يستمر في محاولات التفسير و التحليل للأحداث
ويضع المبرر تلو الآخر
و في النهاية
يتركني حائرا بعد أن يفتح لي مائة باب و باب للتفكير
ادخلوا مصر إن شاء الله آمنين
لطالما قرأتها في صالة المطار
و لطالما أثرت في هذه الآية الكريمة كلما قرأتها
ما أجمل أن تكون مصريا
تلك البلد التي وصفت بهذا الوصف الجميل
أشعر فعلا أننا في بلد آمن
ماذا حدث؟
لماذا لم أشعر بالأمان اليوم؟
أليست مصر بلد آمنا؟
أم أنها كانت بشري من سيدنا يوسف لأبويه فقط
مصر طول عمرها عايشة في حروب و استعمار
يبقي أكيد مصر مش بلد أمان و لا حاجة
طيب ليه كنا بنردد الآية و نقنع نفسنا ان مصر أمان
عملنا زي بتاع العصير اللي كاتب علي محله
(و سقاهم ربهم شرابا طهورا)
ياااااااااااااا الله
مش قادر أفهم حاجة
غفوت من التعب و هذه الأفكار تكاد تفجر رأسي
******************************
كل سنة الزحمة بتزيد في بورسعيد
بس السنة دي زحمة أوي
لأ المشكلة مش الزحمة
المشكلة في الفوضي
البلد بقت فوضي
لأ
بقت فوضي أوي أوي
ليه الفوضي دي كلها
فين حضارة السبعة آلاف سنة
ليه المرور متلخبط كده
محدش ملتزم بالاشارة
كله داخل علي كله
و النتيجة الشارع واقف
و خناقات بين البشر
حتي و نحن في رمضان
و صايمين
لازم عسكري المرور يبقي واقف
حتي عسكري المرور يعاني
محدش بيسمع كلامه
مفيش في ايده سلطة
خليه يكتب مخالفات زي ما هو عايز
أصل كل الملفات اللي في المرور اتحرقت
ليه القمامة مالية الشوارع بالشكل ده؟
هي دي كمان عايزة عسكري مرور؟
طيب ما طول عمرها كده
و الا انا اتعودت علي نظافة الشوارع بتاعة البدو
لأ برضه المسألة زايدة عن الحد بكتير
والناس بيتخانقوا مع بعض لأتفه الأسباب
طيب ما الناس طول عمرهم بيتخانقوا
و كمان فيه واحد قتل واحد في طابور العيش أيام المخلوع
ماشي طابور العيش اتخانقوا من الزحمة و الحاجة و الجوع
لكن ليه بائع التين الشوكي يضرب المشتري بسكين
في صدره؟
الناس كلها شهدت مع البائع
الزبون هو المفتري و ضرب البائع بقسوة و بهدله
البائع كان يدافع عن نفسه
و الطعنة كانت بدون قصد
و ليه الزبون مفتري كده؟
شايف نفسه علي البائع المسكين
القوي يتسلط علي الضعيف في كل مكان و زمان
و ينسي أن هناك من يراه
من هو أقوي منه
لا اله الا الله
انصرف الزبون هو و أمه
و بعد عشرين تلاتين متر سقط ميتا
نزيف داخل الصدر
من أثر الطعنة
كانت هذه الحادثة أول ما سمعت من أخي حسني بعد وصولي
ليس لأنها أخطر ما حدث في غيابي
لكن ربما لأنها الحادث الأقرب مكانا و زمانا
في تقاطع شارع رمسيس و النهضة بحي الشرق أو الافرنج كما يسميه أهل بورسعيد
المنطقة الأكثر هدوءا و رقيا في بورسعيد
بعدها توالت القصص و الروايات من أهلي و أصدقائي و جيراني
عما حدث من 25 يناير و حتي وصولي
الأحداث أكبر و أكثر من أن توصف كلها
واحد دخل علي قهوة رأس البر بالآلي
دفعة رصاص
أردي المطلوب قتيلا في ثوان و انطلق
غارات متبادلة بين بين تجار المخدرات
يلا في ستين داهية
بس المشكلة ان فيه ضحايا من الأبرياء
فاترينة محل والدي اتسرقت
محلات كتير تانية اتكسرت و اتسرقت
زي ما حصل في كل مكان في مصر
خطف و اغتصاب فتيات
خطف اشخاص و طلب فدية
سرقة سيارات و بعدها طلب فدية لاعادتها
عصابات متعددة النشاط
ايه ده كله ...... ايه ده كله
كان مستخبي فين كل ده
هو ده الانفلات الأمني اللي بيقولوا عليه
هي دي خطة ارهاب الشعب لايقاف الثورة
و لا دي هوجة حرامية بيستغلوا الفرصة
أكتر من مرة الحرامي اللي اتمسك طلع أمين شرطة أو مخبر سري
يا تري بيشتغلوا لحسابهم و لا ..... هي دي وظيفتهم الميري بعد الثورة
يمكن الاتنين مع بعض
*******************************************
تمر أيام الأجازة
و تستمر الفوضي
أصبحت جزء من الحياة اليومية
مفيش بنزين في محطات البنزين
بحثنا في كل المحطات مفيش فايدة
في الصباح كنت أمر صدفة أمام محطة بنزين
ووجدت طابور سيارات
قلت فرصة وقفت في الطابور
بعد قليل بدأت أفواج المتوسيكلات تتزاحم علي المحطة
و توقف تموين السيارت بالبنزين بسبب الموتوسيكلات
محدش يقدر يعترض
معظم سائقي الموتوسيكلات شكلهم قلق
نزلت من السيارة و وقفت انتظارا لأن ينتهي طابور الموتسيكلات
تقف خلفي سيارة شرطة تنتظر دورها أيضا
سبحان الله
سيارة الشرطة في الطابور تنتظر
السائق يوجه حديثه لي
كلم الراجل يمشي العربيات شوية انت اللي عليك الدور
لأن عربيتنا شرطة و لو اتكلمنا هايضربونا
الي هذا الحد الشرطة أصبحت تخشي من الناس
الراجل خايف يطلب حقه
قلت له بصراحة ليس عندي استعداد للخناق مع بلطجية
حينما وصلت لمحل والدي بالمنشية و حكيت اللي حصل
قال أخي أن هذا أصبح شئ عادي
البلد الوقت ماشية بقلة الأدب
انت ماشفتش أيام الثورة
العربيات الربع نقل مليئة بالبلطجية بالسكاكين و الشوم
يقتحمون محطة البنزين
ياخدوا البنزين اللي عايزينه
دون مقابل و لا يستطيع أي شخص ايقافهم
لأن أعدادهم كبيرة جدا
أثناء الافطار سمعنا صوت طلقات رصاص
البلطجية يهاجمون قسم الشرطة لاطلاق سراح تاجر مخدرات
تذكرت السيدة التي قتلت في شرفتها
محدش يفتح الشباك
بعد قليل وصل المدرعات
و قوات خاصة
يرتدون زي الشرطة
و لكنهم ملثمون
و يرتدون جاكيت واقي الرصاص
و الهدوء يعود للمنطقة مرة أخري
*******************************
أما الحديث مع الشباب فقد كان أكثر تشويقا و اثارة
ربما لأنهم كانوا جزء من الحدث مش بينقلوا أخبار
ربما لأنهم كانوا متحمسون
يوم انسحاب الشرطة
زي يوم النكسة بالضبط
و زي اليهود ما كانوا بيهجموا العساكر العزل
البلطجية و الحرامية بيهاجموا المواطنين العزل
دقائق و انتشرت اللجان الشعبية
محدش قال لحد يعمل ايه
الكل اتصرف بتلقائية شديدة
و اتحول الموضوع لسيمفونية
مراهقين - شباب - رجال - كهول
عصاية -ايد مقشة- سكينة- مسدس
أي سلاح للحماية
كل مجموعة بتحمي حي أو بناية أو شارع
أي بلطجي يقترب تنهال الصفافير و يتجمع الشباب بالمئات
لا مفر أمام البلطجية الا الهروب
محمد مسعد شاب في العشرين
عنيد - متمرد
لا يعجبه آرائنا
شايفنا ناس قديمة أوي أوي
بصعوبة شديدة استطعت أن أقتحم الأسوار التي صنعها للفصل بين أفكارنا و أفكاره
علي الأقل من الممكن أن يصغي الي
.
أحيانا
.
لكن النهارده هو حاجة تانية خالص
محمد واقف في شارع رمسيس
مع اخوته و أصدقائة و جيرانه لحماية الشارع و البناية
صفارة من شارع الجمهورية
بلطجية رايحين في اتجاه البنوك
محمد مع زملائه بالكلية ينطلقون باتجاه شارع الجمهورية
يشكلون دروعا بشرية لحماية البنوك
صفارة من اتجاه المعدية
البلطجية يحاولون اقتحام قسم المينا
ضابط قسم المينا يستنجد بالمواطنين
ينطلق محمد و زملائه باتجاه قسم المينا
بعد ترك قوة حامية لتأمين للبنوك
الشباب الفرافير بتوع الافرنج
تحولوا فجأة الي أسود بمعني الكلمة
هاجموا البلطجية
مرة أخري - البلطجية يفرون أمام هؤلاء الشباب
تأتي قوة حماية من الجيش
الشباب يسلم حماية المنطقة للجيش
و يعودون الي مواقعهم أمام بناياتهم أو أحيائهم
و يعيدون التمركز
قسم الشرطة الوحيد في بورسعيد
الذي لم يحرق و لم يسرق
هو قسم المينا
و كذلك لم يسرق بنك واحد في شارع الجمهورية
البلطجية اقتحموا قسم شرطة الضواحي
احرقوا كل شئ
سرقوا كل شئ
الضباط و العساكر كلهم اختفوا
الدكتور ابراهيم هاشم... أصبح فجأة مأمور القسم
و ربما مدير أمن
تكونت اللجان الشعبية لحماية المنطقة
و كان يقودها مأمور القسم بنفسه
قصدي د.ابراهيم طبعا
وليد....أحد كبار البلطجية في بورسعيد
مقره سوق الخضروات
سرقة - تهريب- اغتصاب
بتاع كله
محدش قادر عليه
يقتحم قسم شرطة العرب و يفعل به مثلما حدث في كل الأقسام
من النهاردة مفيش حكومة
أنا الحكومة
تقمص دور أحمد السقا في فيلم ابراهيم الأبيض
و صدق نفسه
انطلق و عصابته بعدها الي سجن بورسعيد
اطلاق نار علي السجن
قوة السجن تبادلهم النار
القاء القبض علي العصابة
بيقولوا 40 سنة سجن
في داهية
كابوس و انزاح
محدش كان قادر عليه
لم يهرب سجين واحد من سجن بورسعيد
أحسنتم
رجال بحق
رصاصة طائشة
قتلت سيدة و هي تشاهد المعركة من شرفة منزلها
حد يطلع يتفرج علي ضرب نار
هو فرح يا حاجة
الله يغفر لها و يسامحها
نيران التدفئة في كل مكان أمام البنايات
يتجمع حولها الشباب و يتسامرون في ليالي الشتاء الباردة
و يضحكون ملء الفم و القلب
لأول مرة يشعرون أنها بلدهم و أنهم يريدون حمايتها
راضون عن أنفسهم
سعداء أنهم يفعلون شيئا قيما
محدش خايف علي نفسه
الأمهات قلوبهن تبكي خوفا علي الأبناء
لكن مفيش مجال النهاردة للكلام ده
أنا راجل مقدرش أقعد في البيت
أشعر بالسعادة الغامرة و الفخر بهؤلاء الشباب
و أستطيع أيضا أن أري السعادة و الشعور بالفخر
علي وجوههم و هم يقصون علي ما فعلوه
محمد و محمود
حتي حسن ذو الثلاث عشر ربيعا
كان هناك يحمل عصاه ليحمي منزله
الثورة أعادت الحياة لهؤلاء الشباب
بعد أن كاد اليأس أن يحطم آمالهم و طموحهم في المستقبل
صحيح ان الحياة عادت الي طبيعتها الي حد ما
لكن الثورة قد غيرت كثيرا في النفوس
و من المستحيل أن يعود الناس الي ما كانوا عليه من استسلام
Brilliant by all means
ردحذف