انضم لنا زميل جديد في العمل
الأستاذ أحمد
ما شاء الله عليه
شكله راجل محترم
هو في أواخر الثلاثينات
يبدو علي هيئته الالتزام
يذهب للصلاة في المسجد
لديه لحية آخذه في النمو
علي ما يبدو أنها جديدة
لكن لماذا يكسو وجهه تلك النظرة الحزينة
هل هي نوع من التقوي
أم ماذا تخفي خلفها
أصبح موضع اهتمام الزملاء
.
.
و الزميلات أيضا
صباح الخير يا مولانا
ازيك يا شيخ
أصبحت هي عبارات الترحيب من زملاؤه
كانت مرادفات جديدة بالفعل علي أذنيه
لماذا يناديه الناس بتلك المسميات
هل لأنه يبدو ملتزما أو ملتحيا جعل هذا منه شيخ
و كمان مولانا
هكذا أخذته الأفكار
أفاق علي صوت الأستاذ عبد الحق زميله في العمل
الأستاذ عبد الحق رجل كبير السن
يقترب من الستين
أصبح مرافقا للأستاذ أحمد في طريق الذهاب و العودة الي المسجد
كنت عايز آخد رأيك في موضوع يا مولانا
خير
حلال و لا حرام ان الواحد ....
لم تكن المرة الأولي التي تعرض فيها لهذا الموقف
فقد تعرض لكثير من الأسئلة من قبل من الزملاء و الأقارب
بحكم معرفتهم برجاحة عقله و التزامه
أما الآن فقد تحول الأمر الي الحلال و الحرام
لحظة لحظة
أنا مش مفتي يا اخوانا
أنا بس بحاول اكون شخص ملتزم
ما شاء الله
ايه التواضع ده
ده انت كلك بركة
لا حول و لا قوة الا بالله
قولنا بس رأيك و خلاص احنا بنتفائل بيك
حاضر
الو
السلام عليكم
و عليكم السلام
مين معي
فاطمة
اهلا و سهلا خير
أستاذ أحمد كنت عايزة آخد رأيك في موضوع
اتفضلي
أنا عندي مشاكل كتير في حياتي
و خصوصا مع زوجي
و خلاص مش قادرة استحمل
بصراحة
عايزة اتطلق
لاحول و لا قوة الا بالله
طيب ليه بس يا مدام
اهدي شوية و فهميني
كل مشكلة و لها حل
خلاص مش قادرة أعيش معاه
من يوم ما بقي معاه فلوس
و هو كل يوم بقي يعرف
ستات
و سهر كل يوم و... و... و
يا ست فاطمة شوية شوية
دي أسرار زوجية و ميصحش تقوليها لأي حد
و هو انت أي حد
انت ما شاء الله عليك راجل ملتزم
و الصلاة في ميعادها
انا امبارح سمعت صوتك و انت بتصلي امام
ما شاء الله عليك
كان نفسي اتجوز راجل ملتزم
.
زيك
تخيل انه مش بيصلي أبدا
طيب الولاد يتعلموا ازاي الصلاة لو ابوهم مش بيصلي
لا حول و لا قوة الا بالله
يا ستي اصبري عليه و ادعي له و حاولي تدخلي حد من اقاربه
حاولت كتير و مفيش فايدة
مش بيسمع كلام حد
نصحتها بالصبر و الدعاء و المحاولة من جديد حفاظا علي استقرار حياة أولادها
تعددت الاتصالات من فاطمة
و في كل مرة شكاوي جديدة
و نصائح جديدة
لكن الأمر بدأ يتطور بما لم يكن في الحسبان
اتصلت به ذات مساء
و أخبرته أنها اليوم ستكون بزيارة أختها التي تسكن قريبا من البنسيون الذي يقيم به
و أنها قد أعدت بعض الحلوي
و ستمر به لكي يتذوق و يحكم علي مهاراتها
لم يستمر اللقاء الا بضع دقائق
ناولته الحلوي
مع بعض الكلمات التي أيقظت بداخله ما لم يتمني أبدا ايقاظه
أصبح ينتظر اتصالها اليومي
هل أحب دور المصلح الاجتماعي
أم أنه وجد ما يشغل وحدته
في ظل احتياجه ل ..
ل..
لأنثي في حياته
فهو الآن وحيدا
بعد انفصاله عن زوجته
و رحيله بلد جديد
و قراره بأن يبدأ حياة جديدة تماما
كل شيء فيها جديد
أعجبه اعجاب الناس بتدينه و سلوكه الملتزم
أعجبه نظرة الاعجاب في عيون فاطمة
و غيرها من الزميلات
الحوار بينهما تخطي حدود السؤال و الجواب
تخطي حدود النصيحة
فاطمة أصبحت تلقي علي أذنيه كلمات !!!
كلمات ليست كالكلمات
ما يتمني أي رجل أن يسمع من أنثي من عبارات الغزل العفيف
نعم انه غزل بلا شك
لقد أصبح يحب سماعها
و لكن
الي متي
و الي أي مدي
لا يجوز له و هو يريد التقرب من الله
أن يتقرب من امرأة ..امرأة متزوجة
أخذ قراره
كان حاسما و حازما في نفس الوقت
أخبرها صراحة
لابد ان تتوقف هذه الاتصالات
ولماذا فأنا أستفيد من آرائك؟
هل تخشاني أم تخشي نفسك؟
وقعت كلماتها كالصاعقة علي أذنيه
أكدت له شكوكه
فهي فعلا معجبة به
هي لا تبحث عن علاقة فاجرة علي الأقل حتي الآن
فهو شخص ملتزم
و لكنها بلا شك
أحبت أن تكون بقربه
نظرت اليه نظرة اعجاب و لوم و حزن
تجاهل نظرتها
انصرفت مضطرة
لم يترك لها أي مجال للحوار
لكنها كلما مرت به نظرت نفس النظرة
أحيانا كانت تغلفها بابتسامة أو ضحكة تخفي ما خلفها
قرر أيضا
ألا يكون شيخا بعد اليوم
فلقد حمله الناس أكثر بكثير مما يحتمل
ذهب الي الحلاق
و مع ذلك
لم تتوقف الفتاوي
و لم تتوقف هي عن تلك النظرات
لكنه ظل كما هو يتجاهلها